صدق أو لاتصدق .. 95% من سكان موريتانيا مواليد 12/31
قد لا تصدق أن أكثر من 95% من سكان موريتانيا البالغين 3 ملايين و500 ألف نسمة، أي 3 ملايين و300 ألف تقريباً، هم في سجلات وزارة الداخلية من مواليد 31 ديسمبر، حتى “الوزير الأول”، أي رئيس الوزراء، والوزراء أنفسهم، وضباط الجيش والسفراء والمسؤولون بوزارة الداخلية نفسها، وعامة الشعب.. كلهم من مواليد آخر يوم في السنة الميلادية.
طبعاً “إذا عرف السبب بطل العجب” كما يقولون، ولكن يمكن التأكد أولاً مما وردناه عبر زيارة لموقع “الوكالة الموريتانية للأنباء” المتضمن معلومات تفصيلية عن وزراء الحكومة الموريتانية، وعن رئيسها مولاي ولد محمد لغطف، المولود أيضاً في هذا اليوم، وسيجد الزائر أنهم من مواليده مثله تماماً، إلا قلة ممن كانوا خارج موريتانيا يوم حدثت فيها “كارثة” إلكترونية قبل 15 سنة.
تلك “الكارثة” شرحها الصحافي في قسم الأخبار بقناة “العربية” في دبي، أحمد ولد إسلم، المولود أيضاً في 31 ديسمبر 1984 بمدينة “النعمة” في الشرق الموريتاني، مع أنه أبصر النور حقيقة في 14 مايو ذلك العام.
وقال أحمد، الثلاثاء، إن الحكومة الموريتانية أجرت في 1998 إحصاء للسكان تم على أساسه تعديل جميع الوثائق الرسمية، فكان موظفون من وزارة الداخلية يزورون بيوت الموريتانيين بيتاً بيتاً ويسجلون أفراد كل عائلة.
وعندما انتهت المهمة ووضعوا الأسماء (من دون تاريخ الميلاد) في الكمبيوترات، حدث أن تواريخ تلك الحواسيب كانت مبرمجة في 31 ديسمبر، فأدى “الخطأ” إلى اعتبار الجميع من مواليد ذلك اليوم، في وقت كان يصعب فيه تغييرها من السجلات الورقية إلى الحواسيب، فاعتمدوها على مضض، وتملص من المشكلة كل من كان وقتها خارج البلاد.
ذلك الخطأ أدى لمشكلات متنوعة، بحسب ما يذكر أحمد ولد إسلم، منها ما حدث معه بالذات حين سافر ليتلقى تعليمه مع 5 موريتانيين آخرين في جامعة “عنابة” بالجزائر، فقد ساورت السلطات الجزائرية الشكوك “من وصول 6 أشخاص أبصر جميعهم النور في 1984 وفي آخر يوم فيه، وفوق ذلك ينوون دراسة المادة نفسها وبالجامعة نفسها” كما قال.
وفي 2006، سافر فريق موريتاني للأشبال بكرة القدم للعب مباراة في تونس، وفي المطار أمطروهم بنظرات الشك والحذر، واحتجزوا 22 لاعباً كانوا جميعهم من مواليد 1991 وفي يوم 31 ديسمبر أيضاً، ولم تنته المشكلة إلا حين تدخلت السفارة الموريتانية وشرحت لسلطات المطار التونسي ما يصعب تصديقه.
وقال أحمد إن السلطات الموريتانية سمحت العام الماضي لكل مواطن بأن يعود إلى تسجيل يوم مولده الحقيقي في بياناته الشخصية بوزارة الداخلية، بشرط أن يحصل على موافقة قاضٍ يزوره برفقة شاهدي عدل يؤكدان خطياً أنه من مواليد اليوم الحقيقي فعلاً.
إلا أن هذا الحل فرّخ مشكلة أصعب، وهي تعارض التاريخ الحقيقي مع تاريخ 31 ديسمبر المسجل في بيانات الشخص خارج الوزارة، أي في المدارس والجامعات والبنوك والشركات، وغيرها مما لا يمكن حصره، لذلك اكتفى الموريتاني بيوم 31 ديسمبر، وفيه تسمع البلاد أكبر عدد من “سنة حلوة يا جميل” في يوم واحد بالعالم.