عادات و تقاليد شهر رمضان في ليبيا
تقول الدكتورة إيمان بشير أبوكبدة الأديبة والكاتبة الليبية، إننا نبدأ باستقبال شهر رمضان من منتصف شهر شعبان، ومن هنا تبدأ التجهيزات سواء بالاستعداد الروحي أو بشراء الطعام و الحلويات.
وتزدحم الأسواق بالمتسوقين لشراء المواد الغذائية، وغير ذلك مما يحتاجونه في هذا الشهر الكريم. وتقوم ربات البيوت بتجديد الأدوات الكهربائية ومستلزمات المطبخ من أوان جديدة وأفرشة وأغطية، كما يقمن بتحضير كل أنواع التوابل والبهارات التي يتميز بها المطبخ الليبي وتقطيع الخضار واللحوم البيضاء منها والحمراء والأعشاب العطرية المجففة ثم تجميدها في البراد حتى يتسنى لهن تحضير الأكلات الرمضانية بدون تعب خلال فترة الصيام. تعتبر الأسرة الليبية مسرفة جدا في شهر رمضان رغم ارتفاع كبير في أسعار المواد الاستهلاكية وشح سيولة المالية بالبنوك في السنوات الأخيرة.
ليلة رمضانية تزيد فيها رنات الموبايلات.
وأشارت الدكتورة إيمان فور الإعلان عن حلول الشهر المبارك تتحول الشوارع إلى نشاط وحركة بدون توقف حتى الساعات الأولى من الفجر. قبل الثورة الليبية كانت بعض العائلات تقوم بزيارة أقربائها للتهنئة بحلول الشهر الكريم، أما اليوم و بسبب الأوضاع الأمنية فتكتفي بتهنئة بعضها بالموبايل والفيس بوك، ومن هنا تظل رنات الموبايل حتى قبل بداية فجر يوم جديد في رمضان، ويباشر الليبيون أعمالهم بكسل في هذا الشهر الكريم، برغم أن العمل الحكومي يكون من التاسعة والنصف حتى الواحدة والنصف، ويفضل أغلبهم أخذ إجازة فيه حتى يتفرغوا للعبادة.
كانت في السابق لا تفتح أغلب المحلات قبل الساعة الواحدة ظهرا وتستمر حتى الساعات الأولى من اليوم التالي، أما اليوم أصبحت تفتح من بعد صلاة الظهر إلى منتصف الليل. ويفضل أغلب الرجال في كافة المناطق الليبية ارتداء الملابس التقليدية في رمضان مثل البدلة العربية أو الجلابيات الرجالية وترتدي النساء العبايات أو الجلابيات النسائية، و قد انتشرت هذه الظاهرة في الفترة الأخيرة بين الجنسين من فئة الشباب
احتفالات الصوفية.
وأضافت د. إيمان، أنه تزداد فيه علاقة الناس بالمساجد بشكل ملحوظ فتزدهر بجموع المصلين و يصطحب الآباء أبناءهم الصغار وزوجاتهم لأداء الصلوات، ويكثر قراء القرآن في الأوقات المختلفة، وكما ينشط الليبيون بمختلف فئاتهم لحضور الدروس التي يلقيها الأئمة والوعاظ في المساجد يوميا بعد صلاة العصر وصلاة الترويح. كما تحيي الزوايا والطرق الصوفية بمختلف المناطق الليبية احتفالات بليلة فتح مكة وغزوة بدر الكبرى وليلة القدر والعشر الأواخر من شهر رمضان الكريم بالمجالس القرآنية والأدعية النورانية. وفي شهر رمضان تكثر أعمال الخير وموائد الرحمن في المساجد والساحات حيث يقوم المحسنون من أبناء البلد والجمعيات الخيرية المختلفة بإعداد الموائد الرمضانية المخصصة للفقراء والمساكين والعمال و النازحين نتيجة الحرب في مناطقهم.
وقالت د. إيمان، إن المطبخ الليبي يتسم بالتنوع و مزيج بين الأكلات العربية و الإيطالية، و يتميز بمذاقه ونكهته الحارة والغنية بالبهارات الليبية. و لكل عائلة ليبية طابعها الخاص في تحضير أي أكلة من الأكلات التقليدية. يعشق الليبيون المعجنات المقلية أو في الفرن التي تعتبر من أساسيات في أكلاتهم اليومية. وفي شهر رمضان تبدع ربات البيوت في تحضير وجبات الإفطار و التي تختلف حسب إمكانية وميزانية كل عائلة، تعتبر الشربة الليبية أو الشربة العربية كما يطلق عليها مناطق الشرق والجنوب من الأطباق الرئيسية في رمضان، و هي تتكون من مرقة اللحم و شوربة لسان العصفور و يرش عليها مناطق الغربية مثل طرابلس البقدونس، أما في شرق مثل درنة و طبرق يرش عليها الكزبرة. و السلطة الليبية أو السلطة العربيه. و دخلت البيتزا و السبوسك حديثا إلى المطبخ الرمضاني. و من أهم الأطباق الجانبية التي تشتهر بها المناطق الشرقية في رمضان: البطاطا المبطنة، البراك، العصبان، أرز بالخلطة، المكرونة بالخلطة، المكرونة المبكبكة، طبيخة، الفاصوليا، و الفتات، المحشي، المحمصه، الشرموله. أما في طرابلس: يعتبر البوريك من وجبات الرئيسية التي تقدم مع طبق الشربة. كما تشتهر طرابلس بالكسكسي و العصبان و المكرونة بالبصلة، رشدة الكسكاس تسمى كذلك بالرشدة المبوخة و الرشدة المسقية، رشدة المبكبكة، و المكرونة المبكبكة، العصبان، المحشي، طبيخة الحرايمي. و في جبل الغربي: يقدم البازين بدقيق الشعير، الكسكسي، المكرونة المبكبكة، الفتات. و الجنوب: الفتات، فتات البكيوه، اللوبية، الفريك، عصيدة الملوخية، عصيدة البامية، الزين باللبن والسمن. أما الحلويات التي تقدم في جميع المناطق الليبية هي المقروض، الغريبة، البسبوسة، الدبلة، البقلاوة، المهلبية بالمكسرات، الزلابيا، الكنافة، القطائف، كعك الحلو، كعك المالح، كعك الحلقوم.
السفرة تجمعنا.
وأوضحت د. إيمان أنه في أول يوم بعد آذان المغرب، تقدم سفرة متكونة من التمر واللبن والماء والعصائر. و بعد الصلاة تجتمع العائلة خصوصا أول يوم في رمضان حول سفرة تحتوى على أطباق من شربة الليبية و السلطة الليبية و قطع البيتزا و البوريك مع طبق جانبي من أي أكلة ليبية. ومن ثم يقدم الشاي الأخضر أو الأحمر أو القهوة مع الحلويات. و أنتشرت في رمضان زردة الإفطار بين الشباب حيث يجتمعون لتناول فطورهم على شاطئ البحر أو الساحات
بعد التراويح.
وقالت د. إيمان، بعد أداء صلاة التروايح يقبل بعض الشباب على المقاهي وبعض الأخر على ممارسة النشاطات الرياضية مثل دوري كرة القدم بين المناطق. أما النساء فتقمن إذا سمحت الحالة الأمنية بزيارة الجارات أو الأقرباء أو خروج للأسواق. يفضل الكبار السن السهر مع بعضهم في مربوعه (الصالون العربي) للحديث و لعب الكارته (الورق). بينما يفضل الصغار اللعب في الشوارع الألعاب المختلفة لعدم وجود مراكز لترفيه مجانية. تقام في المراكز الثقافية بعض النشاطات خصوصا في المنطقة الشرقية و لا يحضرها غير فئة معينة من الأشخاص. قبل حلول منتصف الليل تزدحم محلات السنفازه التي تبيع السفنز الذي يؤكل في وجبة السحورعند أغلب العائلات الليبية. ويقدم السحور قبل صلاة الفجر بساعة و يختلف من بيت إلى بيت فهناك من يحضر الزميطه أو البسيسه أو البازين أو المكرونة المبكبكه أو العصيدة و هناك من يفضل تناول كأس من اللبن مع البريوش و فنجان من القهوة.
“ياربى فــى يوم العيد .. ندعيلك الوطن الغالـى تجيب زهاه”
ومع اقتراب يوم عيد الفطر، تشهد المحلات التجارية اكتظاظا بالعائلات خاصة تلك التي تعرض ملابس الأطفال الذين بدورهم يقضون هذه الأيام في التجول بين هذه المحلات رفقة أوليائهم من أجل اختيار واقتناء ما يروق لهم من ألبسة قصد ارتدائها والتباهي بها يوم العيد، كما تستعد ربات البيوت بتجهيز حلويات العيد التي تقدم للضيوف مع الشاي أو القهوة العربية.المصدر:بوابة الاهرام